الجمعة، 11 نوفمبر 2011

تكنولوجيـــا الطباعـــة ثلاثيـــة الأبـــعاد تنتـــج طائـــرة



تكنولوجيـــا الطباعـــة ثلاثيـــة الأبـــعاد تنتـــج طائـــرة



نجح العلماء في تسخير التطورات الأخيرة في ثورة الطباعة ثلاثية الأبعاد لتطوير طائرة صغيرة تحلق دون طيار تستغرق صناعتها أسبوعين فقط. وعلى مهبط طائرت عشبي في داونز ليتشاير ببريطانياً، تجمع، أخيرا، عدد من مهندسي الطيران لتجميع أول طائرة بالعالم مطبوعة بالكامل، على أمل في أن يثبتوا كيف ستسهم تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في إحداث ثورة في اقتصاديات تصميم الطائرات.


قفزات كبيرة

وكانت الطباعة ثلاثية الأبعاد قد حققت قفزات كبيرة وبوتيرة متسارعة منذ نشأتها قبل عقدين كأداة باهظة التكلفة لصنع النماذج الأولية للاختراعات، وتستخدم هذه التكنولوجيا أجهزة تعمل على الليزر لتشكيل الأجسام البلاستيكية أو المعدنية، حيث تقوم ببناء التصميم المطلوب طبقة طبقة، علماً أن سمك كل طبقة لا يتجاوز 100 ميكرومتر.

ولفعل ذلك، تقوم الطابعة ثلاثية الأبعاد أولاً بتقطيع التصميم المؤتمت إلى مئات الطبقات سهلة الطباعة. ثم تتم طباعة كل طبقة عن طريق توجيه حزمة من الليزر على طبقة من البلاستيك البوليميدي أو الستينليس ستيل أو مسحوق التيتانيوم بحسب طبيعة الجسم الذي يتم بناؤه وتتبع الحدود الخارجية للشكل المسطح ثنائي البعد اللازم لتلك الطبقة. وتؤدي حرارة الليزر إلى صهر الجزيئات بعضها مع بعض عند حدودها الخارجية. وحالما تكتمل إحدى الطبقات، يتم رش كمية إضافية من المسحوق وتتكرر العملية إلى أن يتم إنتاج القطعة المطلوبة بأكملها.

وما تنفثه الطابعة أشبه بـ كعكة بودرة يمكن استخلاص الجسم المطلوب منها، بمجرد سحبه إلى الخارج، مثل طفل ينتزع دمية مدفونة في الرمل. ولصنع جسم أقوى يمكنه تحمل أوزان وضغط أكبر، يمكن استخدام حزمة إلكترونية، بدل الليزر، لصهر جزيئات البودرة بشكل كامل. ولأن الطباعة ثلاثية الأبعاد لا تتطلب أي قص أو شحذ للمعدن، فإنها تتيح هامشاً كبيراً من الحرية في التصميم.

وهذا أمر في غاية الأهمية بالنسبة لمصممي الطائرات. فبعض أفضل الأفكار في تاريخ الطيران حتى الآن تضمنت تصاميم ثبت لاحقاً أنه من الصعب تنفيذها على أرض الواقع نظراً لارتفاع تكلفتها وصعوبة تصنيعها. وعلى سبيل المثال، فإن طائرة سوبرمارين سبيتفاير كانت من بين أكثر طائرات الحرب العالمية الثانية قدرة على المناورة، وذلك بفضل تصميم جناحيها البيضوي الخاص، لكن عملية إنتاجها كانت كابوساً حقيقياً وتطلبت استخدام آلات معقدة وخبرات كبيرة في الإنتاج.

ويقول كين بوجود الطباعة ثلاثية الأبعاد، يمكننا العودة من جديد إلى الأشكال التجريدية الخالصة واستكشاف رياضيات ديناميكية تدفق الهواء حول جسم الطائرة، دون أن نكون مقيدين باستخدام الخطوط المستقيمة في التصميم من أجل خفض تكلفة الإنتاج.

وهكذا شرع فريق كين في مهمة لاختبار مدى سرعتهم في إنجاز تصميم طائرة صغيرة بفتحة جناحين تبلغ مترا ونصف، وفي طباعتها وإطلاقها للتحليق في الجو. وانضمت إلى هذا المشروع شركة بريطانية متخصصة في الطباعة ثلاثية الأبعاد، تدعى 3 تي آر بي دي، ووافقت على طباعة الطائرة من النايلون الصلب. ويقول ستوارت أوفر، الناطق باسم الشركة لقد صممنا مفاصل قابلة للطباعة تسمح بتحرك أجزاء الجناحين المتحركة، وقررنا أيضاً تقسيم جسم الطائرة إلى نصفين بحيث يمكن تثبيت المقدمة بالجسم بسهولة بواسطة مفاصل خاصة.



نجاح استثنائي

وبعد اكتمال تجميع أجزاء الطائرة التي أطلق عليها اسم سولسا مع تجهيزاتها الإلكترونية والبطاريات وآليات الموازنة في مهبط داونز ليتشاير، حققت نجاحاً استثنائياً في تجربة التحليق الأولى، حيث اجتازت كل الاختبارات الأساسية بما في ذلك استعادة الطائرة سالمة في حال توقف محركها. وفي الطلعة التجريبية الثانية، تم اختبار نظام الملاحة الآلية بنجاح، لتولد بذلك طائرة مكتملة تحلق بدون طيار.

واستغرق تصميم الطائرة يومين فقط، بينما استغرقت طباعتها خمسة أيام، أي أن إنتاج سولسا من الألف إلى الياء استغرق أسبوعاً واحداً فقط. لكن إنتاج نسخ مستقبلية معدلة حسب الطلب من هذا التصميم الجاهز لن يستغرق أكثر من دقائق باستخدام برنامج التصميم المؤتمت، بحسب جيم سكانلان الذي قال في أعقاب نجاح تجربة التحليق ما شهدناه اليوم أقرب إلى السحر التكنولوجي. فمن الصعب أن يصدق المرء ان هذه الطائرة كانت كوماً من البودرة يوم الجمعة الماضي.



تصاميم مختلفة
يعتقد الفريق الذي يقوده أندي كين وجيم سكانلان من جامعة ساوثمبتون لتجميع أول طائرة بالعالم مطبوعة بالكامل، أن الطباعة التجسيمية بالأبعاد الثلاثة ستسمح قريباً بصنع طائرات صغيرة من النوع الذي يحلق دون طيار خلال أيام، بدءاً من مرحلة الرسم التخطيطي إلى مرحلة إنتاج الطائرة في شكلها النهائي. ويقول انه لن يكون هناك حاجة بعد الآن لصنع نفس التصميم مراراً على نفس خط الإنتاج، وبدلاً من ذلك سيكون بوسع المصممين تعديل تصميم كل طائرة حسب الوظيفة التي تقوم بها سواء أكانت رش المحاصيل الزراعية أو مهام الاستطلاع أو التصوير بالأشعة تحت الحمراء ليقوموا بعد ذلك بطباعة الطائرات ذات المواصفات الخاصة حسب الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق